المواجهة الجنائية الإجرائية للجريمة الإرهابية
دراسة تحليلية للنصوص التشريعية المصرية
الدكتور/ بشير سعد زغلول
أستاذ القانون الجنائي
كلية الحقوق – جامعة القاهرة
دكتوراه في القانون الجنائي من فرنسا
تطورت أساليب الجريمة على مختلف أنواعها وأشكالها تطورا يواكب تطور أنماط الحياة في وقتنا الحاضر، فاستغل مرتكبوها ما توصل إليه العلم وأنتجته التقنيات الحديثة في ارتكاب جرائمهم باحترافية وعلى نطاق واسع، فضلا عن تمكنهم من الفرار من يد العدالة الجنائية. والجريمة الإرهابية ليست بعيدة عن هذا التطور، فلم يعد العنف التقليدي المجرد أسلوبها، بل تنوعت وسائل وأساليب ارتكابها، واختلط العنف في تنفيذها بوسائل التقنية الحديثة، فامتدت آثارها الهدامة إلى نطاقات واسعة. وأصبح ارتكاب الجريمة الإرهابية والتحريض عليها وتمويلها يجري من خلال وسائل التقنية الحديثة في مجال الاتصالات، سواء عبر شبكة المعلومات الدولية أو شبكات الاتصالات الحديثة. فصارت تستغل هذه التقنيات الحديثة في نقل الأموال والتكليفات بين قيادات التنظيمات الإرهابية والأفراد المنتمين لها، فضلا عن تلقينهم طرق تصنيع المتفجرات وتحديد المواقع المستهدفة. ومن هنا أصبحت الجرائم الإرهابية أشد خطرا من ذي قبل على أمن وسلامة المجتمع والمؤسسات والأفراد، لدرجة أصبحت مواجهتها أمرا حتميا على المستويين الوطني والعالمي لبقاء المجتمعات واستقرارها وتنميتها ورخائها.
وتعد المواجهة القانونية الجنائية للجريمة الإرهابية أحد دروب المواجهة الضرورية لمكافحة هذه النوعية الخطيرة من الجرائم ومعاقبة مرتكبيها. لكنها مواجهة غالبا ما تكون لاحقة على وقوع الجريمة وتأتي بعد أن تتحقق آثارها الضارة والسيئة على المجتمع والأفراد، وقليلا ما تكون استباقية من خلال ضبط الجريمة ومرتكبيها أثناء التحضير والإعداد لها وقبل تنفيذها فعليا. ونظرا لأن مضمون هذه المواجهة الجنائية يتمثل في الملاحقة القضائية لمرتكبي هذه الجرائم، فإن تأثيرها، وعلى الرغم من أهميته لإقامة العدالة الجنائية وتحقيق الردع، يظل محدودا إعمالا لمبدأ شخصية المسؤولية الجنائية والعقوبة. فلا مجال لهذه المواجهة القانونية الجنائية إلا بشأن مرتكبي الأفعال التي يجرمها القانون، بحيث يبقى غيرهم ممن يعتنق الفكر الإرهابي بعيدا عن المواجهة القانونية طالما لم تتجسد أفكاره في صورة أفعال يجرمها القانون.
السعر :
21.43
USD