إلغاء الحصانة البرلمانية الإجرائية
بين الواقع والمأمول
دراسة مقارنة
من منظور إقامة العدالة الجنائية
الأستاذ الدكتور
بشير سعد زغلول
أستاذ القانون الجنائي
كلية الحقوق - جامعة القاهرة
تعد العدالة الجنائية إحدى القيم الأساسية للمجتمعات والدول المتحضرة وتمثل أهمية كبرى للحفاظ على أمن المجتمع واستقراره، فضلا عن إرساء علاقات متوازنة بين أفراده ومؤسساته. وتتبنى الدول المختلفة في قوانينها العديد من القواعد الجنائية الإجرائية التي تكفل تحقيق وإقامة العدالة الجنائية؛ ويتمثل ذلك في إجراءات الدعوى الجنائية بمرحلتي التحقيق الابتدائي والمحاكمة، فضلا عما يسبقها أو يعاصرها من إجراءات وأعمال الاستدلال التي تباشرها الضبطية القضائية المختصة. ويعد صون استقلال مرفق القضاء وضمان حسن سيره، نظريا وعمليا، نهجا منشودا وغاية سامية لتحقيق وإقامة العدالة الجنائية، ولن يتأتى ذلك إلا بالحيلولة دون التدخل أو التأثير في السير المعتاد لإجراءات الدعوى الجنائية الهادفة لكشف حقيقة الجريمة المرتكبة وتحديد هوية مرتكبيها. وهو ما سينعكس إيجابا على نشر السكينة والسلم المجتمعي بالقضاء على مظاهر الفوضى المترتبة على لجوء الأفراد إلى الانتقام الشخصي، وبإنهاء حالة الشعور بالظلم الناجم عن إفلات مرتكبي الجرائم من الملاحقة الجنائية، ذلك الإفلات الذي يستتبعه شعور بعدم الانتماء إلى الوطن وشيوع للكراهية بين أفراد المجتمع.
ومما يمكن أن يعرقل، ولو بصفة مؤقتة، إقامة العدالة الجنائية في المجتمع ما تتبناه النظم القانونية الوضعية، على اختلاف منابعها وتوجهاتها، من قواعد دستورية وقانونية تكفل نوعا من الحماية ضد إجراءات الملاحقة الجنائية لمن ينتمون لإحدى سلطات الدولة أو يباشرون وظائف محددة، حال تورطهم في ارتكاب جريمة من الجرائم، وذلك تحت مسمى الحصانة الإجرائية. وتوجب الحماية الناشئة عن التمتع بمثل هذه الحصانة تعليق مباشرة إجراءات الملاحقة الجنائية على موافقة الجهة أو السلطة التي ينتمي إليها المتهم وظيفيا. ومن قبيل هذه الحماية تلك الحصانة المقررة لأعضاء البرلمان، أيا كان مسماه أو تكوينه القانوني، تحت مسمى الحصانة البرلمانية الإجرائية.
السعر :
14.29
USD